زيارة لمعرض فني مع جمعية ألكاسا، بقلم صباح الانباري

في السابع والعشرين من شهر يونيو/حزيران 2021 نظمّت جمعية (الكاسا) زيارة لمعرض فنيّ كبير شارك فيه عدد من الفنانين المحليين من متعددي الثقافات. ضم المعرض 46 لوحة تنوعت في حجمها، وأسلوبها، ومقدار الإبداع المتحقق فيها. شهد المعرض مقدمة احتفائية قدمتها مديرة الجمعية ومؤسستها السيدة فيروز عجاقة، وعقب عليها الفنانون والفنانات المشتركات في تشكيلة المعرض. ومن الجدير بالذكر أن المساهمين في هذه التظاهرة الفنية الراقية قد انحدروا من أحد عشر دولة عربية وأجنبية ضمت كل من سوريا، لبنان، السعودية، تشيلي، فيتنام، البوسنة، إيران، باكستان، السلفادور، الصين، فنزويلا، وروسيا. شارك في زيارة المعرض عدد غفير من الزوار فضلا عن المساهمين فيه. وعلى هامش المعرض أقيمت ورشة فنية للرسم اشترك فيها مع الفنانين المساهمين عدد من محبي الرسم من بينهم رانية وفادي وريم ضو، هناء ذبيان، رؤى الأنباري، موريس كاني وغيرهم كثير

تراوحت أساليب الرسم المختلفة بين الأسلوب الواقعي والأسلوب الرمزي والتجريدي واستخدمت فيها الألوان المائية، والزيتية، والأكريليك، والحبر الأسود، والجاركول، والكرافيت كما استخدم الحرف العربي في تكوين بعض اللوحات مثل لوحة الفنانة هلا ناجي التي جعلت من قصيدة الشاعر العراقي بدر شاكر السياب أيقونة الشعر العربي المعاصر مادة حروفية للوحتها وتجلى ذلك في اشتغالها على الخط الكوفي تحديداً. كما استخدمت الحرف العربي في أدائها فنانة سعودية، منار النغيس، من خلال عدد من لوحاتها التي تجاورت فيها مع التشكيلات التراثية التي قام بها عدد من الفنانين العرب ومنهم الفنان العربي يحيى بن محمود الواسطي المولود في مدينة واسط العراقية على سبيل المثال لا الحصر والتي مازجت بين الرسم كتشكيل فني وبين الحروف كخطوط إبداعية. أو قصائد منثورة على اللوحة أو مبثوثة فيها بطريقة متقنة. أما الفنان الفيتنامي كوك هانج فقد عرض لنا أربع لوحات فنية استخدم في تخطيطها قلم الرصاص (الجرافيت) من بيئات مختلفة مركزا في اللوحات الأربع على جمال المرأة، ورشاقة قوامها، وغنج حركاتها، مع بعض التأثيثات المهمة المكملة لأناقة اللوحة وتكوينها الدقيق. وان لم تخني الذاكرة فقد وجدت لوحات مرسومة بأسلوب الكرافيك لفنانة إيرانية تجلت في رسوماتها حالة البؤس والحرمان والصراع من اجل الطفولة والأمومة المنتهكة. لفتت انتباهي لوحة الفنانة الإيرانية المسماة (حرية الكلام) والتي عبرت بطريقة تجريدية عن تلك الحرية المستلبة وجاءت على ثلاث مستويات الأول بهيئة مشنقة متدلية من اعلى اللوحة الثانوية وهي متميزة باللون الأحمر القاني (لون الدم) والثانية بالأبيض والأسود وهي مزيج بين الأرض والسماء وتشكل الأرض قاعدة للموت والسماء فيضا من النور مستقبلا الأرواح التي ذبحت من اجل حرية الكلام. أما خلفية هاتين اللوحتين فتشكل شراكا شائكة لا مهرب لمن يقع داخلها. اللوحتان الثانويتان واقعتان في هذا الشرك الرهيب وهذا يعني أنْ لا حرية للكلام في عالم اللوحة التي تمثل الواقع المعيش وتدعوا للتخلص منه والتحرر من براثنه وأغلاله الثقيلة

ثمة في المعرض أيضا عدد من اللوحات الإبداعية التي لم تسعفنا الذاكرة على تناولها أسوة ببقية لوحات المعرض فتحية كبيرة لكل الجهود النيرة، والأفكار الراقية التي قدمت لنا زاداً معرفياً وفنياً ونحن في محطات الغربة، وتحية لجمعية (الكاسا) ومديرتها السيدة فيروز التي تثابر على أن تقدم لنا مثل هذه المتعة الراقية

صباح الإنباري

http://www.sabahalanbari.com

https://www.facebook.com/SabahAlanbari

 

SHARE

Pin It on Pinterest